إن الكلام قاض يجمـع بين الخصوم ، وضياء يجلـو الظلام، وحاجة الناس إلى مواده، كحاجتهـم إلى مواد الأغذيـة .. لذلك عنيت به أمهـات الكتب وأرباب الأدب وصاغوا أجمـل ما همس به يراع لرقاع ولسان لجنان وبرز لهاميـم اللغة في كل عصر ومصر .... وتجلت حاجة الناس إلى فقـه الكلام وأسانيد العرب الصحـاح ..... فجاء الأدب رأس مالـه وإكليل جمالـه يسوق الناس إلى منـازل السلف ومنابر الشرف .....
*

وقـد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنـه قال : "رحم الله امرأ أصلح من لسانـه".
*

و حكي عن بعض الفقهـاء أنه كان يقول: ما صلح دين إلا بحياء، ولا حياء إلا بعقـل، وما صلح حياء، ولا ديـن، ولا عقل، إلا بأدب.
*
ذَخَائِرُ الْمَالِ لاَ تَبْقـَى عَلَى أَحَدٍ *** وَالْعِلْمُتَذْخَرُهُ يَبْقَى عَلَى الأَبَدِ
وَالْمَـرْءُ يَبْلُـغُ بِالآدَابِ مَنـْزِلَةً *** يَذِلُّفِيهَا لَهُ ذُو الْمَالِ وَالْعُقَدِ
وقال الآخر :


وكم من ماجد أضحى عديماً
***
له حسن، وليس له بـيان
*


وقال عمر رضـي الله عنه :: تعلموا العربيـة، فإنها تثبت العقل، وتزيد في المـروءة .....
*


وقال أبو عمـرو بن العلاء : قيل لمنذر بـن واصل : كيف شهوتك للأدب ؟؟? فقال: أسمع بالحـرف منه لم أسمعه، فتود أعضائي أن لها أسماعاً تتنعم مثل ما تنعمـت الأذان، قيل: وكيف طلبك له ?؟ قال: طلب المـرأة المضلة ولدها ،,, وليس لها غيره، قيل: وكيف حرصـك عليه? قال: حرص الجموع المنوع على بلوغ لذته في المـال ...
*

وقال أرسطاطاليـس : ليت شعري: أي شيء فات من أدرك الأدب، وأي شيء أدرك من فاته الأدب??.
*

وأوصـى عبد الملك بنيه يوما :: ( يا بني خصلتان لا تدعوهما إذا قدرتم , الفصيـح من لسان العرب ولباس الزينة الفاخرة فإنه الشرف والمروة الظاهرة !!! )
*



وروي عن عبد الله بن المبارك أنه قال: تعلمـوا العلم شهراً، والأدب شهرين ..... وقال رجل لبنيـه: يا بني أصلحوا من ألسنتكم، فإن الرجل تنوبه النائبة، يحتاج أن يتجمل فيها، فيستعير من أخيـه دابة ومن صديقه ثوباً، ولا يجد من يعيره لساناً: لما قال الفرزدق.
إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتاً دعائمه أعـز وأطـول

قال بعض الحاضريـن: أعز وأطول من ماذا ؟؟? فتفكر الفرزدق، فوافق ذلك قول المـؤذن في الآذان، الله أكبر، فرفع الفـرزدق رأسه فقال: يا فـلان أكبر مـن ماذا ?..
*

(((( فالـزم الأدب فإنه الجمـال الخالد والصاحب الماجد والشـرف الوارد لا يضام صاحبه ولا يخيب طالبه ولا يغص شـاربه )))) .....